Omrane

 آخر الأحداث والمستجدات 

مكناس.. انفتاح مؤسسة وسيط المملكة محليا على محيطها الجمعوي والجامعي

مكناس.. انفتاح مؤسسة وسيط المملكة محليا على محيطها الجمعوي والجامعي

انطلقت صباح يوم الثلاثاء 23 شتنبر 2025، بمقر المندوبية المحلية لمؤسسة الوسيط بعمالة مكناس، فعاليات لقاء تفاعلي طموح في إطار البرنامج الوطني "نحو إدارة المساواة"، تحت شعار "الإدارة المغربية ورهان المساواة بين الجنسين". وقد شكل هذا الحدث محطة متقدمة في مسار إصلاح الإدارة العمومية، يسعى إلى تحويلها إلى فضاء حديث، عادل، ومنصف، يقوم على مبادئ الشفافية، والتكافؤ، وعدم التمييز.

وقد حضر اللقاء ممثلون عن فعاليات المجتمع المدني، وباحثون في سلك الدكتوراه بجامعة المولى إسماعيل، أساتذة باحثون، وممثلون عن وسائل الإعلام المحلية، مما أضفى على اللقاء بعدا تشاركيا وتعدديا، وأكد على التزام مختلف الفاعلين ببناء إدارة عمومية تراعي حقوق الجميع، دون تمييز.

افتتح أشغال اللقاء السيد محمد حلوان، المندوب المحلي لمؤسسة وسيط المملكة بمكناس، الذي وجه كلمة استهلها بالشكر لكل الفاعلين خصوصا الفضاء الجمعوي للتنمية التشاركية الذي يعد شريكا هاما للمؤسسة، وللأستاذ الباحث هشام ونزار، وكافة الطلبة الباحثين الذين شاركوا في إغناء هذه المبادرة.

وأكد السيد المندوب المحلي  أن البرنامج الوطني "نحو إدارة المساواة" ليس مجرد مشروع توعوي، بل هو ترجمة عملية لمتطلبات الدستور المغربي، لا سيما ما يتعلق بتقنين مبدأ تكافؤ الفرص ومحاربة جميع أشكال التمييز مؤكدا على أن الهدف الأساسي هو الرقي بالإدارة العمومية إلى فضاء رائد في مجال الإنصاف، يضمن تكافؤ الفرص ويعزز مكانة المرأة، عبر سياسات عمومية شاملة وشفافة".

وشدد على أن نجاح هذا المسار يعتمد بشكل حاسم على الشراكة الاستراتيجية مع مكونات المجتمع المدني والجامعة، اللذان يشكلان ركيزة أساسية في تشخيص الاختلالات، واقتراح حلول واقعية قابلة للتطبيق.

اللقاء تمحور حول أربع ورشات تفاعلية ركزت على تحليل إشكاليات المساواة في مجالات جوهرية: الملكية العقارية، المعاشات، التغطية الصحية والاجتماعية، والوثائق الإدارية.

وقد قدمت السيدة ابتسام حموشي، متصرفة بالمندوبية المحلية، عرضا مفصلا سلطت فيه الضوء على مجموعة من الاختلالات والمفارقات المكرسة للفوارق بين الجنسين داخل المؤسسات الإدارية. 

في مجال الحماية الاجتماعية، أوضحت المتحدثة أن التعويضات العائلية تمنح تلقائيا للأب، لكن عند انحلال الأسرة، تعرقل الإجراءات الإدارية نقلها إلى الأم الحاضنة، رغم أنها الجهة الفعلية المكلفة برعاية الأطفال هي الام. كما لوحظ أن الغالبية العظمى من ملفات الدعم الاجتماعي والتغطية الصحية تقدم باسم الرجل، بسبب تعقيد المساطر أمام النساء، ما يحد من وصولهن إلى الخدمات الأساسية.

على مستوى المعاشات، كشفت المعطيات عن حالات حرمان صارخة، منها حرمان الزوج من معاش الزوجة الموظفة عند وفاتها، رغم أن الاقتطاعات كانت تسحب من راتبها طيلة حياتها المهنية. في المقابل، تستفيد المرأة من نصف معاش زوجها المتوفى، حتى وإن كان ضئيلا، وهو ما يعد تمييزا واضحا في المعاملة.

أما في مجال الوثائق الإدارية، فأشارت إلى أن المرأة المتزوجة، خاصة في المناطق القروية، تواجه صعوبات كبيرة في الحصول على وثائق تخص أبناءها، نتيجة هيمنة العقلية الذكورية التي تزكي "ولاية الرجل" على الأسرة، مما يضعف استقلاليتها الإدارية ويهمش دورها كأم حاضنة.

وفي المجال العقاري، وبالرغم من صدور مذكرة وزارية تهدف إلى تمكين النساء السلاليات من حقوقهن، فإن التطبيق العملي يظهر تمسكا بالعرف الذي يستبعد النساء من الاستفادة، سواء في توزيع التعويضات أو عند التقسيم. كما يتم تصنيف السكن المسجل باسم الزوجة كـ"سكن ثانوي"، ما يفرض عليها دفع ضريبة أعلى. وفي برامج إعادة الإسكان، تسجل لوائح المستفيدين تفاوتا كبيرا لصالح الرجال.

مداخلات الفضاء الجمعوي للتنمية التشاركية بمعية الطلبة الباحثين انصبت حول عدة اشكاليات همت التطبيق السليم لمبدأ المساواة بين الجنسين داخل المرفق العمومي ومشكل الخدمات المقدمة للفئات المعوزة خصوصا كبار السن والارامل والمطلقات هذه المواضيع خلقت الكثير من النقاشات الحيوية، خصوصا غياب احصائيات دقيقة لهذه الاشكاليات.

ومن بين المقترحات العملية المطروحة اثناء اللقاء تناولت :

المجال العقاري:

العمل على توسيع برنامج "التوثيق العقاري الشامل" وتركيزه على المناطق المهمشة.

تعميم منصة رقمية موحدة لتقليل البيروقراطية.

إطلاق حملات توعوية مستهدفة للنساء والشباب.

تمكين الجماعات الترابية من صلاحيات أوسع في الملفات العقارية.

تعزيز الشفافية في توزيع الأراضي.

مجال المعاشات:

العمل على توحيد نظام المعاشات ضمن مشروع "الضمان الاجتماعي الشامل".

تعميم التغطية التضامنية لتشمل العمال غير الأجراء.

توفير خدمات المعاشات عبر مكاتب البريد والجماعات الترابية.

تبسيط الإجراءات ورقمنتها، مع دعم مباشر لكبار السن.

إطلاق حملات تحسيسية لتشجيع التسجيل.

التغطية الصحية والاجتماعية:

إحداث "الضمان الصحي المجاني الشامل" وفق الرؤية الملكية.

تعزيز العيادات المتنقلة لتلبية احتياجات المناطق النائية.

ربط التغطية الصحية بالسجل الاجتماعي الموحد.

تقوية المراكز الصحية الأولية.

التعاون مع الجمعيات المحلية لدعم الفئات الهشة.

الوثائق الإدارية:

تعميم مكاتب الخدمات الإدارية المتعددة في جميع الجماعات.

رقمنة كاملة للإجراءات عبر منصة "الخدمة العمومية".

إحداث وحدات إدارية متنقلة.

تكوين مستمر للموظفين حول الحكامة والمساواة.

توفير دعم لغوي وتقني للفئات المهمشة.

وفي ختام اللقاء، تم بلورة مجموعة من التوصيات الاستراتيجية، من بينها:

اعتماد نهج ترابي تفاضلي يراعي الخصوصيات المحلية.

تعزيز اللامركزية الإدارية والمالية.

إحداث هيئات مستقلة لمراقبة أداء المصالح.

تعميم التكوين حول مبادئ المساواة وحقوق الإنسان.

إشراك المجتمع المدني في تقييم الخدمات.

تنظيم ندوة علمية بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بمكناس حول موضوع "نحو إدارة المساواة".

كما اقترح الحضور إطلاق مبادرة محلية سميت "مجلس المساواة المحلي"، كآلية تشاركية تهدف إلى:

تقليص الفجوات الجندرية والاجتماعية.

تمكين النساء والشباب من أدوار قيادية.

ضمان شمولية المشاريع التنموية.

رصد التحديات المحلية واقتراح حلول محلية.

وفي الاخير أكد المشاركون على أن تحقيق المساواة داخل الإدارة الترابية ليس فقط التزاما دستوريا، بل شرطا أساسيا للتنمية المستدامة والسلم الاجتماعي. ولا يمكن الوصول إليه دون إرادة سياسية حقيقية، وإصلاحات جذرية في المنظومة الإدارية، ومشاركة فعلية للفئات المهمشة في صنع القرار.

وأضاف السيد حسن جبوري رئيس الفضاء الجمعوي للتنمية التشاركية: "نحن لسنا بصدد مطالبة الدولة بامتيازات، بل بمطالبتها بتنفيذ ما نصّ عليه الدستور: المساواة، الكرامة، والعدالة".

إن البرنامج الوطني "نحو إدارة المساواة" لا يمثل مجرد خطوة إصلاحية، بل فرصة تاريخية لإعادة بناء العلاقة بين المواطن والإدارة، على أسس من الثقة، والإنصاف، والكرامة. ويبقى السؤال مطروحا على ما ماذا استجابة الإدارة وترجمتها للتشخيصات والمقترحات إلى واقع ملموس؟

جميع الحقوق محفوظـة © المرجو عند نقل المقال، ذكر المصدر الأصلي للموضوع مع رابطه.كل مخالفة تعتبر قرصنة يعاقب عليها القانون.
الكاتب : عصام خايف الله
المصدر : هيئة تحرير مكناس بريس
التاريخ : 2025-09-24 19:16:09

 تعليقات الزوار عبر الفايسبوك 

 إعلانات 

 صوت و صورة 

1  2  3  4  5  6  7  8  9  المزيد 

 إعلانات 

 إنضم إلينا على الفايسبوك